لازال الكثير من العراقيين يعتقد – خطأ – أن حقوق المرأة مرتبطة كليا ً بالأوضاع الأجتماعية أو الدينية فقط متناسين أن للعملية السياسية التأثير الأكبر والثقل الأكثر في حياة النساء . فما بالنا بتحالف سياسي ديني أجتماعي ديني؟
رغم أن الواقع الذي عاشته وتعيشه النساء العراقيات منذ قرون أثبت أن الأوضاع السياسية لعبت دورا ً كبيرا ً , سلبيا في أغلب الأحيان وأيجابيا في بعضها , فلازال السياسيون العراقيون والحكومة العراقية يختبأون خلف مفهوم التأثير الأجتماعي كما النعامة التي تخبيئ رأسها في الرمل متناسية أن ما بان منها هو أقبح ُ أعضاءها وأفعالها وأجراءاتها وممارساتها .
ورغم أن المجتمع الدولي والأنساني يطالب الحكومة العراقية بأن تضع حلولا ً أيجابية لقضايا النساء الشائكة , ألا ّ أن البرلمان بنوابه – الجهلة في أغلب الأحيان والمنافقين في بعضها والمخلصين الأقلية – لازال يصول ويجول ُ في حلبة الصراع وكل ّ حزب يسعى الى النصر المبين على الأرادة العراقية والأصوات التي زحفت في أشد ّ الأيام عتمة لتنتخب .. أو على الأقل لتسحب أصواتها ممن انتخبتهم ولم يحققوا لها أبسط حاجاتها الأنسانية.
منذ ُ أن انتهت الأنتخابات واُعلِنت النتائج قبل خمسة أشهر , لازال المالكي يمارس ُ ديكتاتورية منقطعة النظير في تمسكه بكرسي فاز به بانتخابات سابقة اعترف بشرعيتها , واعتراضه على التنازل عنه بانتخابات لايريد أن يعترف بشرعيتها!!
واضح ٌ جدا ً أن الرجل َ أصابته حمى غرور القيادة التي أصابت صدام حسين , واعتقد َ أنه الوحيد المؤهل ُ لقيادة هذا الوطن المسلوب الأرادة !! ولا ندري على أية مؤهلات يستند سيادته ففي كل المقاييس , أثبت المالكي أنه ليس مؤهلا لقيادة قرية صغيرة منسية من قرى العراق.
في الوقت نفسه , ولتأجيل تشكيل حكومة عراقية تمتلك الصلاحيات في النظر بشؤون هذه الدولة التي تكالبت عليها دكتاتوريات غير المؤهلين لقيادتها حتى تركتها خرابا يبابا , يمارس ُ السيد فؤاد معصوم لعبة جر ّ الحبل مع الأرامل واليتامى والفقراء والنساء والأطفال العراقيين . ففي الوقت الذي يزداد فيه الوضع حراجة أمام التحديات التي يواجهها المجتمع المدني وخصوصا النساء , يتكيئ السيد معصوم على كرسيه مرتاحا جذلا لأنه أكبر النواب سنا ً .. وهذا مؤهل اخر كان سيكون ايجابيا لو راعى السيد معصوم كبر سنه ونظر بعين الحكمة للأوضاع المتردية وضرورة اتخاذ حل سريع لتشكيل الحكومة العراقية . لكنه وبدلا من هذا , خرق الدستور العراقي عدة مرات وخلال الشهور الخمسة الأخيرة حتى صارت عملية تشكيل الحكومة عملية سخيفة وفاحت رائحة دسائسها ونتانة المباحثات التي تدور خلف الأبواب الخلفية لها. شيء يشبه كثيرا مايدور في الشوارع الخلفية الأمريكية حيث تتجمع العصابات وتروج تجارة المخدرات والعهر والجريمة.
من نص الدعوى المرفوعة من قبل منظمات المجتمع العراقي الى المحكمة الأتحادية ضد السيد فؤاد معصوم:
_____ بداية النص المقتبس من نص الدعوى
وجاء في فحوى الدعوى ( بتأريخ 01 /06/2010 صادقت محكمتكم الموقرة على نتائج الانتخابات التشريعية، وقد تم عقد الجلسة الاولى برئاسة المدعى عليه باعتباره اكبر الاعضاء سنا استنادا لأحكام المادة (54) من الدستور، الا ان المدعى عليه اضافة لوظيفته اعتبر الجلسة مفتوحة من دون نص قانوني او دستوري، وهو ما عرقل انتخاب رئيس المجلس ونائبيه وحسبما تتطلبه المادة (55) من الدستور ، وادى ذلك الى عرقلة العملية السياسية بعدم انتخاب رئيس الجمهورية وفق المادة ( 72/ ب)، والتجاوز على المادة (76) بتكليف مرشح محدد لتشكيل مجلس الوزراء، ومخالفته لاحكام الدستور عندما سمح لبعض اعضاء مجلس النواب دون سواهم باداء اليمين الدستورية، واستثنى اعضاء السلطة التنفيذية من الفائزين بالانتخابات، كل ذلك ادخل البلاد في ازمة خانقة لا تعرف عواقبها، والمتضرر الرئيس فيها هو عموم الشعب العراقي).
___ انتهى النص المقتبس من نص الدعوى
وحين نشاهد الفلم المرفق بهذا المقال , فأن أصوات النساء المبحوحة بالألم والغضب تخبرنا بمأساة المشهد العراقي الذي تعيشه المرأة العراقية . فالتظاهرة قالتها وبالعبارة الواضحة وبالألم الذي ما بعده ألم : المرأة العراقية تعيش جحيم التدخل السياسي في حياتهن , وعلى خبز يومهن , وعلى لقمة أطفالهن , وعلى حاجات المجتمع كملايين بشرية تنتظر أن يتكرم عليها سيادة السيد فلان والسيد علان , الذين لايمتلكون حسّا أنسانيا ً أو عقلا ً راجحا لتقييم حجم المشكلة , بحل ينقذ العراقيين من هذا الصراع السياسي: أتركوا العملية السياسية واخرجوا منها أن لم تكونوا قادرين على حلها!!
وفي الوقت الذي يصادق ُ فيه السيد معصوم على مخصصات سكن قدرها ثلاثة ملايين دينار لكل نائب في البرلمان , تصرخ أم ٌ عراقية مطالبة ً بالخبز لأطفالها اليتامى! هل سيطالبنا السيد معصوم والسيد المالكي أن نحترمهما بعد هذا؟ وهل سنحترم أحزابهما التي رشحتهما لمقاعد برلمانية ومناصب قيادية؟
من وجهة نظر أنسانية وعراقية , فأن الأم التي خرجت الى الشارع في تظاهرة مطالبة بخبز أطفالها هي التي تستحق الأحترام . أما الرجال , وما أكثر مقامريهم بالعراق وشعبه , فلا كِبر سنهم ولا تجارتهم السياسية تدعو الى الأحترام.
باسم الأنسانية , وباسم المرأة العراقية , ندعو العراقيين والمجتمع الدولي الى ايجاد حل لمعضلة صراع العضلات السياسية بين الأحزاب التي عاثت في العراق خرابا وانتهكت حقوق شعبه الأنسانية . نطالب أن يسمع المجتمع الدولي صوت النساء العراقيات اللواتي سئمن انتظار المتاجرين بهموم الشعب العراقي ومصادره وكرامة نساءه. نطالب العراقيين في خارج العراق الى أرسال رسائلهم , كل ّ بلغة البلد الذي يعيش فيه , الى حكومات هذه البلدان والمنظمات الأنسانية العاملة فيها للمطالبة بتدخل دولي عاجل لأنقاذ الشعب العراقي والنساء العراقيات من ظلم الحكومة العراقية والأحزاب الفاشلة سياسيا وأنسانيا .
وكلمة أخيرة للسيد فؤاد معصوم : الأنسان كبيرٌ كلما كبرَ عقله , لا كلما كبرَ عمره! وكل ما نرجوه هو أن تراعي تنمية عقلك ليكون ملائما لكبر سنك ومنصبك الذي نلته بسبب سنك الكبير. لقد دست على هموم النساء والأطفال العراقيين , وعليك أن تتقبل النقد من الان فصاعدا لأنك انضممت وبكامل وعيك الى قائمة المتاجرين بالعراق وشعبه ومستقبله.
كما أدعوالعراقيين جميعا الى مشاهدة نساءهم المثقلات بتعب السنين , المقهورات بالحزن والتعب الى مشاهدة هذا الفلم لتظاهرة النساء. وأذا كانت النساء البسيطات الفقيرات قادرات على الخروج الى الشارع ليرفعن أصواتهن ضد الظلم .. فمابالكم يا رجال العراق ونساءه في داخل العراق وخارجه ؟ أخرجوا الى الشوارع في تظاهرات واطلقوا عليها عناوين " من أجل نساءنا في العراق .. من أجل أطفالنا في العراق " .. أرجوكم أن لا تتكاسلوا ولا تؤجلوا ما يجب عمله اليوم الى الغد!
تظاهرة النساء العراقيات
No comments:
Post a Comment